هل تراعي قوانين وأنظمة التفتيش في البلدان العربية النوع الاجتماعي؟
هل تراعي قوانين وأنظمة التفتيش في البلدان العربية النوع الاجتماعي؟
يشكل تفتيش العمل جزءًا من إدارة العمل التي تتطرق إلى مسائل الارتقاء بتشريعات العمل ومبادئ سياسة العمل في مكان العمل و الإشراف عليها وتطبيقها. والهدف الأساسي من أي نظام تفتيش هو ضمان المطابقة مع قوانين العمل. أنظمة تفتيش العمل الحديثة على تشجيع توظيف النساء كمفتشات عمل وذلك كخطوة نحو تلبية احتياجات الم أ رة العاملة. وفي الوقت نفسه، توفّر أنظمة تفتيش العمل الحديثة الأدوات لجميع المفتشين لفهم الأبعاد الجنسانية لكيفية تطبيق قوانين العمل.
فقد حظيت الاتفاقية الدولية رقم ( 81 ) بشأن تفتيش العمل في الصناعة والتجارة، بعدد من التصديقات العربية لم تحظ به أي اتفاقية أخرى، فقد صادقت عليها تسع عشرة بلدان عربية 23 ، نذكرها مرتبة حسب تسلسل سنوات تصديقها: الع ا رق ( 1951 )، مصر ( 1956 )، تونس ( 1957 )، المغرب ،( 1958 )، سوريا ( 1960 )، الج ا زئر ( 1962 )، لبنان ( 1962 ) موريتانيا ( 1963 )، الكويت (1964 )، الأردن ( 1969 )، السودان ، ( 1970 )، ليبيا ( 1971 )، قطر ( 1976 )، اليمن ( 976 ) ،( جزر القمر ( 1978 )، جيبوتي ( 1978 )، السعودية ( 1978)، البحرين ( 1981 )، الإمارات (1982).
أما البروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية رقم ( 81 )، فلم يحصل هذا البروتوكول سوى على تصديقات إحدى عشرة بلد، ليس من بينها أي من البلدان العربية الأعضاء في المنظمة. وبالنسبة للاتفاقية الدولية رقم 129 بشأن تفتيش العمل في الزراعة فلم يكن نصيب هذه الاتفاقية من القبول على المستوى الدولي واسعاً كنظيرتها الاتفاقية رقم ( 81 )، حيث لم تصادق عليها سوى 51 ) بلد من البلدان الأعضاء في المنظمة، من بينها ثلاث بلدان) ،( عربية فقط هي، (مرتبة حسب تواريخ تصديقها): سوريا ( 1972) المغرب (1979 )، مصر ( 2003 )، وترجع قلة التصديقات على هذه الاتفاقية إلى مشكلات تنبع من خصوصية العمل الزراعي.
ولم يكن حظ الاتفاقية العربية رقم ( 1) بشأن مستويات العمل ( 1966) بأفضل حالاً من البروتوكول السابق، فقد صادقت على هذه الاتفاقية تسع بلدان عربية، هي حسب سنوات تصديقها: سوريا ( 1967 )، المغرب ( 1969 )، الأردن والعراق ( 1970 )، السودان (1972 )، ليبيا ( 1974 )، فلسطين ( 1976 )، مصر ( 1979 )، لبنان ( 2003 ). وبخصوص الاتفاقية العربية رقم ( 6) بشأن مستويات العمل (معدّلة) ( 1976) لم تصادق على هذه الاتفاقية سوى ثلاث بلد عربية هي فلسطين ( 1976 )، مصر ( 1977 )، سوريا ( 1982 ). أما الاتفاقية العربية رقم (7) بشأن الصحة والسلامة المهنية ( 1977) فقد صادقت على هذه الاتفاقية ثمان بلدان عربية هي: فلسطين ( 1977) العراق ( 1978 )، سوريا ( 1979 )، تونس ( 1987 )، اليمن ( 1990)، البحرين (1994 )، ليبيا ( 2004 )، الجزائر ( 2005) . أما الاتفاقية العربية رقم ( 12 ) بشأن العمال الزراعيين (1980) لاقت هذه الاتفاقية صعوبات جمة في قبولها من قبل البلدان العربية، حيث لم تحظ سوى بتصديق بلدين عليها هما العراق ( 1982 ) ومصر ( 1991 ). الاتفاقية العربية رقم ( 19 ) بشأن تفتيش العمل (1998) وهي الاتفاقية الأكثر التصاقاً بموضوع التفتيش من الاتفاقيات الأخرى، إلا أنها مع ذلك لم تحصل إلا على عدد محدود نسبياً من تصديقات البلدان الأعضاء في المنظمة العربية، حيث صادقت عليها ،( عشر بلدان فقط من مجموع هذه البلدان هي: الكويت ( 1999) ،( السعودية ( 2000 )، العراق (2001)، مصر ( 2001) ، اليمن ( 2001 )، سوريا ( 2002 )، الإمارات ( 2004 )، فلسطين(2004 )، لبنان ( 2004 )، عُمان ( 2006).
وستحاول هذه الدراسة لنظم التفتيش في البلدان العربية أن تلقي الضوء على محاور ثلاثة: مدى توفر المساواة في النوع الاجتماعي في منصب مفتش عمل؟ ، مدى النص صراحة النص في قوانين العمل العربية على اختصاص مفتش العمل بمراقبة المساواة في العمل وعدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي؟ والمحور الأخير فحص حجم نسبة النساء المفتشات مقارنة بالرجال؟ .
ففيما يخص مشاركة النساء في التفتيش، فمن المفترض أن تكون الفرصة متاحة للنساء للتعيين في هذه الهيئة على قدر متساو مع الرجال، دون تمييز بينهم في ذلك على أساس الجنس، على النحو الذي أقرته الوثيقة التأسيسية لمنظمة العمل الدولية الخاصة بمبدأ مشاركة النساء في / فرساي للسلام/ 1919 )، في المادة (427) من نظام تفتيش العمل التي حيث نصت على وجوب أن تضع كل بلد أحكاماً لنظام تفتيش العمل تشارك فيه النساء من أجل تأمين إنفاذ القوانين والأنظمة الخاصة بحماية العاملين، وتكرس هذا المبدأ مجدداً في المادة ( 8) من الاتفاقية الدولية رقم (81) التي نصت على أنّ (كلاّ من الرجال والنساء مؤهلون للتعيين في هيئة التفتيش، وعند الضرورة يمكن إسناد واجبات خاصة للمفتشين الرجال والنساء). وكررت المادة (10) من الاتفاقية الدولية رقم (129 ) النص الوارد في المادة 8) من الاتفاقية ( 81 ) بالصيغة ذاتها، دون تغيير.
وبهذا الصدد، يفيد تفحص مدى توفر المساواة في النوع الاجتماعي في منصب مفتش عمل في البلدان العربية أن هذه القوانين والأنظمة الخاصة بالعمل وتفتيش العمل تضمنت نصوصاً عاماً مطلقة بشأن جنس المفتش، فتحدثت بصيغة: مفتش، موظفين، مكلفين، جهاز تفتيش، دون تحديد للنوع الاجتماعي لشخص المفتش. فلم يرد في النصوص ما يقيد التفتيش على الرجل دون النساء، وبذات الوقت لم يرد ما ينص صراحة على تكليف النساء بهذه المهمة أو يحرمها منها.
أما بالنسبة للمحور المتعلق بمدى النص صراحة النص في قوانين العمل العربية على اختصاص مفتش العمل بمراقبة المساواة في العمل وعدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي؟ فقد تضمنت نصوص قوانين وأنظمة العمل والتفتيش في البلدان العربية الخاصة نصوصاً عامة قضت أفادت باختصاص المفتشين وأجهزة التفتيش بمراقبة تنفيذ أحكام قانون العمل وحماية حقوق العمال، باستثناء قانون العمل الإماراتي الذي نص صراحة في المادة 167 من قانون العمل باختصاص مفتش العمل بمراقبة تنفيذ أحكام قانون العمل ومن بينها ما يتصل باستخدام الأحداث والنساء.
أما عن حجم نسبة النساء المفتشات في إدارات العمل في البلدان العربية فهي في تزايد؛ وذلك بحكم الوعي بأهمية وجود المرأة في مجال التفتيش سواء في المجالات التي تتطلب حضور النساء، وكذلك بفعل حملات التوعية التي تقوم بها المنظمات النسوية.
ويمكن تالياً إبداء بعض الملاحظات على قوانين وأنظمة التفتيش في البلدان العربية وسياساتها فيما يخص النوع الاجتماعي سواء فيما يتعلق بمشاركة النساء في التفتيش أو بمراعاة التفتيش لمراقبة الالتزام بتطبيق القوانين ذات الصلة بالمساواة في العمل والحقوق العمالية وحظر التمييز:
وبهذا الخصوص، يرى الاتحاد الدولي للنقابات بأن: