نداء العيد العالمي للعمال
من أجل السلام والتنمية
أيتها العاملات، أيها العمال،
يحيي عمال العالم عيدهم هذه السنة على وقع سياق سياسي دولي معاد لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ومتحفز لتضييق هامش الحقوق والحريات العامة والفردية كنتيجة طبيعية للصعود الكاسح لليمين المتطرف إثر أكثر من 70 عملية انتخابية تشريعية ورئاسية شهدها العالم خلال سنة 2024.
وينضاف هذا السياق الدولي المعقد إلى ما تعيشه مختلف مناطق العالم من حروب ونزاعات مسلحة وانقسامات سياسية باتت تنذر بسيناريوهات قاتمة في ظل عجز المنظومات التشريعية والتحكيمية الدولية على كبح جماح سياسات الهيمنة المتمددة في كل مكان خاصة في المنطقة العربية.
هذه المنطقة التي تحولت بعض بلدانها إلى مسرح للحروب والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي خاصة في فلسطين واليمن وسوريا وليبيا ولبنان ودفعت شعوبها ولا تزال بسببها ثمنا بشريا وتنمويا باهظا وسط غياب كلي لأي آفاق للخروج من هذه الأزمات.
فقد أثبتت كل المؤشرات التنموية في هذه البلدان حجم الضرر الذي لحق بشعوبها وخاصة العمال وتسجيل ارقام فقر وبطالة رهيبة في صفوفهم بالإضافة إلى بروز بوادر جدية لمخاطر انهيار اقتصادي وشيك بما يجعل مسألة استعادة الاستقرار وفرض السلام مصيرية لمستقبل هذه الشعوب وعمالها.
أيتها العاملات، أيها العمال،
لقد سعت الحركة النقابية العالمية والعربية ولا تزال إلى إعلاء صوت السلام والانتصار للشعوب المضطهدة وسجلت مواقف تاريخية في سبيل انهاء الحروب وكبح جماح سباقات التسلح، وقدمت للمجتمع الدولي سنة 2022 مبادرة الاتحاد الدولي للنقابات "الأمن المشترك، من أجل مستقبل مشترك"، وهي اليوم تخوض معركة جديدة للتصدي لمحاولات الإجهاز على مبدأ السلام العالمي الذي ناضلت من أجله البشرية جمعاء، وهي معركة تستوجب استنهاض كل الطاقات البشرية وعلى رأسها المرأة والشباب لعزل خطاب الشعبوية اليمينية وتعزيز الحقوق والحريات العامة والفردية.
إن الرؤى العمالية والنقابية لمبدأ السلام المستدام تنطلق من أرضية اقتصادية واجتماعية وحقوقية فطالما قدم الحوار الاجتماعي نماذج نجاح في مجال حل النزاعات والمعضلات، وطالما ساهمت الديمقراطية في التوزيع العادل للثروة وتعزيز السلم الاجتماعي، وهي أدوات نقابية عمالية فعالة لا يمكن التشكيك في قدرتها على استيعاب النزاعات السياسية وفرض الاستقرار.
فبناء مجتمعات السلم والاستقرار ضرورة قصوى تستوجب سياسات تشاركية تضع العمال وممثليهم والنساء والشباب على طاولة الحوار دون إقصاء أو تهميش اقتداء بمناهج الأمم المتحدة التي تقر بقدرة النقابيين والنساء والشباب على التأثير من أجل السلام والاستقرار من خلال تواجدهم الكثيف في مواقع العمل وفي الفضاء العام واحتكاكهم الدائم مع المعضلات الاقتصادية والاجتماعية وتحررهم من تعقيدات المصالح السياسية.
أيتها العاملات، أيها العمال،
إننا اليوم ونحن نحيي عيدنا العالمي، مدعوون لكثيف جهودنا من اجل دعم الاستقرار والسلام في منطقتنا العربية، فخطابنا من اجل مجتمعات السلام والاستقرار والديمقراطية يجب أن يكتسح الفضاء المادي والافتراضي لمواجهة خطاب الشعبوية والتحريض الدولي،
ونحن واثقون من كسب هذه المعركة وتسجيل انتصار جديد للحركة النقابية الحرة والديمقراطية.
كل عام وعمالنا بخير،
عاشت الحركة النقابية،
حرة، منتصرة لقضايا التحرر والسلام.
هند بن عمار
السكرتير التنفيذي