
تعزيز الحوكمة الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والسلام العادل في المنطقة العربية
نداء للعمل موجَّه إلى المنظمات الدولية والجهات النقابية بناء الدولة المؤسسية والحكم الديمقراطي يتطلب بناء دولة ديمقراطية تقوم على مؤسسات قوية التزاماً راسخاً بسيادة القانون، ومبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز الإدارة العامة الشفافة والخاضعة للمساءلة. ويجب ضمان فعالية ونزاهة المؤسسات العامة من خلال اعتماد تدابير شاملة لمكافحة الفساد، وآليات رقابة مستقلة رسمية ومدنية، وترسيخ المواطنة الشاملة والعدالة الاجتماعية.
وفي المنطقة العربية، يتطلب ذلك إصلاح أنظمة الحكم لضمان الشفافية، وتكافؤ فرص الحصول على الخدمات العامة، ولا مركزية اتخاذ القرار، وتعزيز التعددية السياسية. كما يشترط تمكين المشاركة المدنية، وضمان استقلالية القضاء، وهيئات الانتخابات، وأجهزة الرقابة. ولا يمكن لأي تجديد ديمقراطي أن ينجح دون مشاركة فعالة من جميع الأطراف، بما في ذلك النقابات العمالية، والمجتمع المدني، والفئات المهمشة.
الحقوق والحريات الأساسية والوصول إلى المعلومات
تُعد حرية التعبير وحرية الصحافة، والحق في الوصول إلى المعلومات، من الركائز الأساسية للحكم الديمقراطي. وتُشكّل هذه الحريات أدوات جوهرية لضمان الشفافية، ومواجهة جميع أشكال الاستبداد والفساد، وتعزيز المساءلة على كافة مستويات الحكم. ويجب أن تُكرّس هذه الحقوق في التشريعات الوطنية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وتُفاقم الرقابة والقمع والقيود المفروضة على الفضاء المدني في عدد من دول المنطقة من عمق العجز الديمقراطي. ويتوجب على الحكومات الوطنية تبنّي قوانين تضمن حرية الوصول إلى المعلومات، وحماية الصحافة المستقلة، وضمان الحق في التظاهر السلمي. كما أن الشفافية المالية والوصول المفتوح إلى بيانات الحوكمة عنصران أساسيان لتحقيق تنمية شاملة قائمة على الحقوق.
ضمان الحقوق النقابية كأساس للديمقراطية
يشكّل احترام الحقوق الفردية والجماعية حجر الأساس لأي نظام ديمقراطي حقيقي. ويُعدّ الحق في التنظيم النقابي، والمفاوضة الجماعية، والمشاركة في الحوار الاجتماعي، والتعددية السياسية، من الحقوق غير القابلة للتجزئة التي ينبغي حمايتها بالكامل. وتُعدّ الحقوق النقابية ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية الشاملة، والمساءلة الديمقراطية، ويجب صونها وفقاً لاتفاقيات منظمة العمل الدولية، وخاصة الاتفاقيتين رقم 87 و98.
وتواجه النقابات العمالية في العديد من بلدان المنطقة قيوداً مستمرة، تتراوح بين التضييقات القانونية والقمع السياسي. وفي هذا السياق، ينبغي ألا تكتفي الدول بالاعتراف القانوني بالحقوق النقابية، بل عليها أن تضمن حمايتها فعلياً، وأن تُكرّس آليات حوار اجتماعي مؤسسي تشاركي تُشرك النقابات في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والتشريعات العمالية، ومسارات بناء السلام.
عقد اجتماعي جديد لتحقيق العدالة الاجتماعية والتحول الاقتصادي
تتسم المنطقة العربية بانتشار البطالة، واتساع الاقتصاد غير المنظم، وتنامي التفاوتات الاجتماعية، واستبعاد النساء من سوق العمل. ولمعالجة هذه التحديات، يجب التأسيس لعقد اجتماعي جديد يضمن العمل اللائق، والحماية الاجتماعية الشاملة، والعدالة الضريبية، والمشاركة الاقتصادية المتساوية.
وتدعو النقابات إلى تبني سياسات وطنية وإقليمية تضع التشغيل الكريم في صلب أولوياتها، وخاصة لفائدة الشباب والنساء، وتكفل أجوراً مجزية للجميع، وتوسّع شبكات الحماية الاجتماعية. كما يجب أن تُدمج العدالة الاجتماعية في السياسات المالية والاقتصادية، بمشاركة كاملة من النقابات في تصميمها وتنفيذها ومراقبتها. كما ينبغي توجيه المؤسسات المالية والتنموية في المنطقة نحو دعم النمو الشامل والانتقال العادل والتوزيع المنصف للثروات.
محاسبة الشركات وحماية العمل الرقمي
تُمارس الشركات المتعددة الجنسيات ومنصات العمل الرقمي أنشطتها في المنطقة العربية غالباً دون رقابة أو مساءلة كافية. ومن الضروري إرساء قوانين ملزمة للعناية الواجبة تضمن احترام الشركات لحقوق الإنسان والمعايير العمالية عبر سلاسل التوريد.
ويتعين على الدول العربية اعتماد أطر قانونية تنظم العمل عبر المنصات الرقمية، وتضمن الأجور العادلة، والسلامة المهنية، وحق التنظيم النقابي، وتغطية الحماية الاجتماعية. كما تدعو النقابات إلى دعم معاهدة دولية ملزمة لمساءلة الشركات، وإطلاق حوار إقليمي حول تنظيم الاقتصاد الرقمي بما يضمن حماية العمال من أشكال الاستغلال الحديثة.
انتقال عادل في التحولات المناخية والرقمية
تواجه المنطقة العربية تحديات متزايدة ناجمة عن تغير المناخ والتحول الرقمي السريع. وتؤكد النقابات العمالية أن هذه التحولات يجب أن تكون عادلة وشاملة ومرتكزة على دور فاعل للنقابات. just, inclusive, and union-led. This means investing in green and digital jobs, ensuring skills development, and embedding union participation in climate and technology governance.
ويجب على الحكومات تبني حوار ثلاثي حول المناخ، ووضع سياسات صناعية خضراء، وتوجيه الاستثمارات العامة نحو الطاقات المتجددة، والنقل المستدام، والاقتصاد الدائري. كما يجب أن تُعطى الأولوية في السياسات الرقمية للبنى التحتية، وحقوق البيانات، وإعادة تأهيل العمال، وضمان الإدماج الرقمي للفئات المهمشة.
تحقيق السلام العادل والمستدام عبر القانون الدولي
يبقى تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة العربية أمراً بعيد المنال طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واستمرت انتهاكات سلطات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ولا يمكن أن يتحقق السلام الحقيقي دون العدالة والمساءلة واحترام الالتزامات القانونية الدولية.
ويجب أن يستند السعي لتحقيق السلام والأمن الدوليين إلى ولاية قانونية ملزمة تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، وتعززها آليات متعددة الأطراف مستقلة ومحايدة. كما أن النظام الأمني العالمي بحاجة إلى إصلاح لضمان أن تسود العدالة على الهيمنة الجيوسياسية. ويتطلب بناء السلام في المنطقة تعزيز العمليات السياسية الشاملة، ونزع السلاح، والحد من انتشار وتجارة الأسلحة، بما يتماشى مع المعايير الدولية وأطر الأمن الجماعي.
وتؤكد النقابات العمالية دورها في ترسيخ ثقافة السلام من خلال التضامن العابر للحدود، والحوار الشامل، والدعوة إلى نزع السلاح. كما أن إنهاء الاحتلال والتدخلات العسكرية الخارجية يمثل شرطاً جوهرياً لبناء سلام قائم على القانون والمحاسبة وتقرير المصير.
دعوة نقابية موحدة لتجديد الديمقراطية في المنطقة العربية
تتوافق الحركة النقابية العربية بالكامل مع الحملة العالمية "من أجل ديمقراطية تؤتي ثمارها"، وتلتزم بالعمل من أجل: For Democracy That Delivers and commits to advancing:
- ● كفالة الحقوق النقابية والحريات المدنية في التشريعات والممارسات
- ● عقد اجتماعي جديد يرتكز على العمل اللائق والمساواة
- ● تنظيم سلطة الشركات والمنصات الرقمية وربطها بالمساءلة
- ● انتقال عادل يشمل التحولات المناخية والرقمية بمشاركة نقابية
- ● أطر دولية ملزمة لتعزيز السلام والمحاسبة
إن الديمقراطية والتنمية والسلام لا يمكن تحقيقها دون العمال. ويجب الاعتراف بالنقابات كشركاء استراتيجيين في صياغة مستقبل عادل وديمقراطي ومستدام للمنطقة العربية Trade unions must be recognized as strategic partners in shaping a just, democratic, and resilient future for the Arab region.
